38serv
لمّا بلغت دعوة الإسلام أطراف الجزيرة النائية، أمر عليه الصّلاة والسّلام بعض صحبه الكرام بتعليم النّاس مبادئ الدّين الحنيف، وعهد إلى آخرين بجمع العشور من البلاد الّتي دخل أهلها في الإسلام. وكانت الرّوح القبلية متأصّلة في بلاد العرب، وما كانت إلاّ لتزداد قوّة ورسوخًا بتأثير الشّعراء حين يهجون أو يمدحون أو يفخرون، فتكون أبياتهم أشدّ فتكًا من السّهام.لذلك، لم يَفُته عليه الصّلاة والسّلام أن يبني الإخاء الإسلامي الّذي هو أقوى بناء وأخلده للقضاء على العصبية القبلية، فكان حتّى وهو على فراش الموت يدعو القوم للتّآخي والتّواصي بالحقّ والتّواصي بالصّبر. وبعبارة أخرى نقول إنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم قد وجّه عنايته منذ قدم على المدينة إلى تسهيل سُبل العيش على المهاجرين الّذين تركوا أموالهم في مكّة، ودعا الأنصار إلى مساعدتهم كما آخى بينهم وبين الأنصار، وكانوا يتوارثون بهذا الإخاء إرثًا مقدّمًا على القرابة ثمّ نسخ بحكم قوله تعالى أواخر سورة الأنفال: {وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم}.وكان لفرض الزّكاة على المسلمين بعد مقدم الرّسول صلّى الله عليه وسلّم المدينة أثر كبير في تحسين حال المهاجرين.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات