38serv
فَرضَ الله سبحانه وتعالى الزّكاة على الرّجال والنّساء سواء متَى تحقّقت أسبابها وشروطها من ملك النِّصاب وحولان الحول، مثلما دلّت على ذلك النّصوص الموجبة للزّكاة كما في قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} البقرة:43.وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لمُعاذ رضي الله عنه عندما بعثه إلى اليمن: “أعلمهم أنّ الله افترض عليهم صدقةفي أموالهم تُؤخَذ من أغنيائهم وتُردّ على فقرائهم” رواه البخاري. إنّ وجوب الزّكاة من المعلوم في دين الإسلام بالضّرورة في ديار المسلمين، ويجب على مَن جهل أن يسأل أهل العلم، يقول الله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} النّحل:43.وإنّ العِلم بالزّكاة وأحكامها العامة فرض في حقّ مَن وجبت عليه، مصداقًا لقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: “طلب العلم فريضة على كلّ مسلم” رواه ابن ماجه وغيره وهو حديث صحيح. قال العلامة ابن عابدين في حاشيته نقلاً عن العلامي في فصوله: [من فرائض الإسلام تعلّم ما يحتاج إليه العبد في إقامة دينه وإخلاص عمله لله تعالى ومعاشرة عباده، وفرض على كلّ مكلّف ومكلّفة، بعد تعلّمه علم الدّين والهداية، تعلّم علم الوضوء والغسل والصّلاة والصّوم وعلم الزّكاة لمَن له نصاب والحجّ لمَن وجب عليه والبيوع على التّجار ليحترزوا عن الشُّبهات والمكروهات في سائر المعاملات، وكذا أهل الحِرف وكلّ مَن اشتغل بشيء يفترض عليه علمه وحكمه ليمتنع عن الحرام فيه].وقال الإمام القرافي: [إنّ الغزالي حكى الإجماع في إحياء علوم الدّين والشّافعي في رسالته حكاه أيضًا في أنّ المكلّف لا يجوز له أن يقدم على فعل حتّى يَعلم حُكم الله فيه، فمَن باع وجب عليه أن يتعلّم ما عينه الله وشرعه في البيع، ومن آجر وجب عليه أن يتعلّم ما شرعه الله تعالى في الإجارة، ومَن قارض وجب عليه أن يتعلّم حكم الله تعالى في القِراض، ومَن صلّى وجب عليه أن يتعلّم حكم الله تعالى في تلك الصّلاة، وكذلك الطّهارة وجميع الأقوال والأعمال، فمَن تعلّم وعمل بمقتضى ما علم فقد أطاع الله طاعتين، ومَن لم يعلّم ولم يعمل فقد عصى الله معصيتين، ومن علِم ولم يعمَل بمقتضى علمه فقد أطاع الله تعالى طاعة وعصاه معصية].والزّكاة واجبة عن كلّ السّنوات الّتي لم يُزكِ فيها المسلم، ما دام قد ملك نصابًا وتحقّقت شروط وجوب الزّكاة، فعليك أن تؤدّي زكاة مالك عن السنوات الماضية كلّها ولا تبرأ ذمّتك إلاّ بذاك.قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: [إذا مضت عليه سنون ولم يؤد زكاتها لزمه إخراج الزّكاة عن جميعها، سواء علم وجوب الزّكاة أم لا، وسواء كان في دار الإسلام أم دار الحرب]. فعلى المسلم أو المسلمة أن يحسبوا أموالهم في كلّ سنة مضت ويزكوا عن كلّ سنة.وبهذا يظهر أنّ الزّكاة، وهي حقّ من الحقوق المالية، لا تسقط بالتّقادم أي بمضي المدة، بل تبقى دَيْنًا في الذِمّة، ولا تبرأ ذمّة المؤخّر لها إلاّ بإخراجها، سواء أخّرها عمدًا أو جهلاً، فالتّوبة لا أثر لها في إسقاط الحقوق المالية، سواء كانت حقًا لله تعالى أو حقًا للعباد.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات