"الجوائز الأدبية الخليجية تكاثرت في زمن انهيار الأوطان القومية"

38serv

+ -

قال الروائي السوري خليل النعيمي إن ظاهرة الجوائز الأدبية العربية أو ما يمكن أن نسميه ولائم الجوائز العربية، بدأت تتفشى بسرعة خطيرة في الجسد الثقافي العربي. وأوضح النعيمي، في حوار مع “الخبر”، أن هذه الجوائز استطاعت أن تجمع حولها نخبة من الأدباء والكتاب والمثقفين، وبالأخص من اليساريين. ونشر خليل النعيمي المغرم بالسرد وتفاصيل الأمكنة، عدة روايات منها “الرجل الذي يأكل نفسه” و”الشيء” و”القطيعة” و”تفريغ الكائن” و”دمشق 77”، وله كتب في الرحلة منها كتاب “قراءة العالم” الحائز على جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة العام 2006.إلى ماذا ترجعون حالة التململ الحاصلة في الثقافة العربية؟ هذا الخلل بتصوري ليس عائدا إلى تخليها عن “الدوغما” أو عن الأيديولوجية الممكن أن نسميها يسارية وانحرافها إلى اليمين، بل بسبب انصياعها لرغبة ولمتطلبات السلطات المحلية العربية، وتخليها فعلا عن اعتبار الكائن مبدعا أم غير مبدع هو المحور الأساسي لكل عمل أدبي. أتصور أن لكل عمل أدبي حقيقة داخلية، غالبا ما تناقض الحقائق الاجتماعية الخارجية، ولكن الحقائق الخارجية الاجتماعية لها من السطوة والقوة والتأثير، لدرجة أنها قادرة أن تحرّف الحقيقة الأدبية التي من المفروض أنها تناقض باستمرار رغبات السلطة والمراقبة والرقابة الذاتية والرقابة الاجتماعية. والخلل الناجم هو محاولة التوفيق بين ما يصور المبدع، وما تتصوره السلطة المعنية به عن العالم.سبق لكم أن دعوتم لرواية عربية دون جوائز؟لأن ظاهرة الجوائز العربية أو ما يمكن أن نسميه ولائم الجوائز العربية، ظاهرة بدأت تتفشي بسرعة خطيرة في الجسد الثقافي العربي. استطاعت هذه الجوائز أن تجمع حولها نخبة من الأدباء والكتاب والمثقفين، وبالأخص من الذين كانوا جهة اليسار مناقضين للهيمنة الاجتماعية للسلطات العربية المتخلفة، وهم من يشكل اليوم جنود الخندق الأول في الانصياع الأدبي والخيانة الأدبية. إن أغلب هذه الجوائز صادرة عن منطقة جغرافية معينة في الوطن العربي، ذات ثراء فاحش. وبالتالي، بعسل الدولارات تستطيع أن تجمع ذباب الأدباء الذين يحلمون بهذه الجوائز. وكنت منذ فترة قصيرة قد دعوت إلى إطلاق حركة باسم “من أجل أدب بلا جوائز”، مهمتها معاكسة هذا التيار والاستلاب الهائل الذي يسود الحركة الأدبية في العالم العربي. التيار الذي يسعى إلى تحويل الأدب إلى سلعة للبيع أو خلعة أو منحة، وتاليا ثنيه عن الذهاب إلى المناطق المحرّمة.ماذا تعيب على هذه الجوائز؟كل هذه الجوائز لها تصوّر سياسي وأدبي وأخلاقي عن العالم. لا يمكن أن تعطي الجائزة إلا لمن يتوافق مع تصورك، وهذا نوع من التخضيع الإبداعي للكاتب. إن التي نسميها جوائز والتي تأتي من بلدان الخليج، بدأت تتوالد وتتكاثر في اللحظات التاريخية التي انهارت فيها الأوطان القومية أو السلطات المركزية العربية ذات البعد الثقافي التاريخي, بعد تفتيت العراق وتقسيم السودان والخراب السوري، بدأت تنتشر هذه الجوائز بشكل سرطاني في الجسد الإبداعي العربي، كأنها تملأ الفراغ الناجم عن تشتيت المراكز الثقافية العربية الكونية. هي جوائز تسويق الجهل وتعميم الأمية الأدبية والركاكة اللغوية وتحطيم الكيانات الراسخة. لهذا لم أتقدم أو أسمح لناشري بأن تشارك رواياتي بهذا المزاد الذليل، ليس بسبب موقف شخصي من الجوائز، بل هو موقف معرفي وأخلاقي وفكري في المقام الأول.وهل لهذه الجوائز مستقبل؟بتصوري لن تذهب هذه الجوائز بعيدا، وستفشل لأن مصدرها ذو بنية ثقافية محدودة جدا. هذه الجوائز تنهض على رغبة مضمرة في إزاحة لاوعي المبدع نحو اهتمامات أخرى تضع خطة الجوائز في صلب اهتمامه. أتصور أن هذه الجوائز كارثة معرفية تحل على المبدع، بعد أن حلت عليه الكارثة السياسية، وإلا فما معنى هذا الاهتمام النقدي بالروايات الرائجة، وتزييف حضورها على حساب أعمال روائيين كبار؟

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات