38serv
قال الخبير الأمني ورئيس اللجنة الجزائرية الإفريقية للسلم والمصالحة، والمختص في القضايا الأمنية والاستراتيجية في ورشة التكامل الأمني والعسكري في الجامعة العربية، الدكتور أحمد ميزاب، إن ملفات الأزمة في مختلف الدول العربية في المنطقة زادت من ضعف جامعة الدول العربية، في ظروف هي بحاجة إلى إعادة بعث نفس جديد، وإلى إعادة رسم منهجية عمل جديدة تواكب جملة التطورات، وتتماشى أيضا مع التحولات، باعتبار أن تلك القضايا لم تصبح جامعة بقدر ما أضحت تفرق وتزيد من حجم الهوة ما بين الدول العربية. وأوضح الدكتور أحمد ميزاب في حوار مع “الخبر” أن قضية تشكيل قوة عربية مشتركة يتم مناقشتها بجدية، من خلال اعتماد المبدأ الاختياري وعدم إلزام الدول العربية بالمشاركة في قوات التدخل السريع، بقدر ما تكون طريقة المشاركة متروكة حسب قدرات الدول وحسب درجة استيعابها للمسألة، مبرزا أن الجزائر رافعت بشكل كبير جدا حول مسألة ضرورة إصلاح جامعة الدول العربية، وحول قضية المصالحة العربية أيضا.أُجِّل عقد اجتماع مجلس الدفاع المشكل من وزراء الدفاع ووزراء الخارجية العرب الذي كان من المفروض أن يعلن فيه عن تشكيل قوة عربية مشتركة إلى موعد يحدد لاحقا، هل لنا بمعرفةتفاصيل ما حدث؟ نوقشت مؤخرا في ورشة تكامل الأمن العسكري قضية تشكيل القوة العربية المشتركة، وكان هناك شبه مسودة ربما ستصدر في التقرير الثامن للتنمية والثقافة، حول مسألة المبدأ الاختياري، بمعنى لا تُلزم كل الدول العربية بأن تُشارك في قوة التدخل العربي السريع، بالإضافة كذلك إلى أنه حتى إن شاركت الدول العربية فلن تكون هذه المشاركة بأعداد أو أفراد بالضرورة، كما ستكون طريقة المشاركة حسب قدرات الدول، وحسب درجة استيعابها للمسألة، إما المشاركة بأفراد أو المشاركة بالدعم اللوجيستي أو الدعم المالي، بالإضافة إلى أنه من بين المقترحات التي قدمت ونوقشت ولا تزال تناقش بجدية، أن القوات العربية المشتركة لن يكون لها مكان قار أو قيادة قارة، بقدر ما تتشكل وفقا للمتطلبات، ووفقا للظروف التي تقتضي تدخل هذه القوات، وبالتالي محاولة لإزالة اللبس الذي اعترضت عليه بعض الدول وكذا بعض الفواعل في الساحة العربية، من خلال تفادي تسخير قوات عسكرية لدول عربية في مكان قار في خدمة القوات العربية المشتركة، وبالتالي المسألة تناقش وفق بناء توافق عربي عربي، ووفق ما تقتضيه الضرورة والمصلحة العربية.صحيح تم تأجيل الاجتماع، وذلك راجع إلى أن الموضوع أصبح يناقش بجدية، وحتى بعض الدول تحفظت في البداية على مسألة تشكيل القوة العربية في البداية، وحدث تراجع بعضها لضبابية الموقف، مثلا مفهوم الإرهاب غير موحد عربيا، فكل واحد ينظر إلى المسألة حسب المنظور وحسب الطريقة التي يراها هو، فهذه القضايا التي تدفع إلى ضرورة التريث وضرورة التفكير بشكل منطقي وعقلاني في كيفية إنشاء هذه القوات، وما هي الوظائف الموكلة إليها وطريقة عملها، حتى لا يكون هناك خطأ، أو حتى لا يكون هناك زيادة في التباعد بين الدول العربية، خاصة أن البيت العربي يعاني الكثير من المشاكل والأزمات، ويعاني الكثير أيضا من الصراعات، فأعتقد مثلا أن الجزائر رافعت بشكل كبير جدا حول مسألة ضرورة إصلاح جامعة الدول العربية، وحول قضية المصالحة العربية أيضا، وبعدها فقط يمكن مناقشة مثل هذه القضايا، لأنه سيكون حينها خط عربي واحد مشترك وموحد وفق رؤية واحدة، ووفق منهجية واحدة أيضا، وبالتالي أي قرار يتخذ سيكون في خدمة الدول العربية جميعا، وليس في خدمة فريق على حساب فريق آخر، أو في إطار تصفية الحسابات وغير ذلك من الأمور.ذكرت في حديثك أن بعض الدول تراجعت لضبابية الموقف، هل لنا بمعرفتها؟ والله هو التزام حتى لا نضع أحدا في حرج، خاصة أني قلت إن المسألة تناقش ولا زالت قيد الدراسة والبحث، نتركها لوقتها وتاريخها، لكن على الأقل يجب الإشارة إلى شيء هو أن هناك جدية ولأول مرة في البحث حول مسألة التكامل العربي، سواء أكان في المستوى الاقتصادي أو في المستوى الاجتماعي أو حتى على المستوى الأمني أو العسكري، باعتبار أنه خلال مشاركتنا رأينا جدية في العمل ووجدنا انضباطا والتزاما، كما لاحظنا تغليب المصلحة العامة والرؤية العربية على أي حسابات شخصية مقارنة بما نشهده في لقاءات أخرى يغلب عليها “الأنا”، وكذا المصلحة الخاصة على حساب القضايا العامة والقضايا العربية، وبالتالي كان هناك حوار جاد وبناء، حتى أن المشاريع، وهي في مجملها أربعة، كانت الجزائر ممثلة بواحد منها في شخصي.وفيم تمثل المشروع؟ المشروع حول خبرات التنسيق الأمني والعسكري في مجال الأمن الداخلي، وكان به توصيات، واعتمدت جل التوصيات بنسبة 80% تقريبا، أضف إلى ذلك تقديم مقترحات تصب في خدمة الدول العربية وفقا للتهديدات الأمنية الحالية.على ذكرك جامعة الدول العربية، يوجه سيل من الانتقادات لهذه الأخيرة بكونها لم تلعب أو لم تعد تؤدي الدور المنوط بها، وخير دليل على ذلك ملفات الأزمة في المنطقة، سواء السوري أو اليمني أو العراقي، وحتى الليبي، فما رأيك؟ للأسف، مثل هذه القضايا زادت من ضعف جامعة الدول العربية، وزادت كذلك من حجم المهام التي أثقلت بها جامعة الدول العربية، في ظروف هي بحاجة إلى إعادة بعث نفس جديد، وإلى إعادة رسم منهجية عمل جديدة تواكب جملة التطورات، وتماشي أيضا التحولات، باعتبار أن القضايا العربية المختلفة، سواء الملف السوري أو الليبي أو العراقي أو اليمني، عبارة عن قضايا لم تصبح جامعة بقدر ما أضحت قضايا تفرق وتزيد من حجم الهوة ما بين الدول العربي، خاصة أن هذه الأخيرة في حقيقة الأمر انقسمت ما بين مؤيد وبين رافض، بين دول داعمة لتلك الأطراف والأنظمة ودول أخرى ضدها.فالملف السوري مثلا تم فيه إبعاد النظام السوري من جامعة الدول العربية، واعتبار مقعده شاغرا، ثم في وقت من الأوقات كانت هناك محاولة لتسليمه إلى المعارضة السورية، وبالتالي فهي كانت في وضعية حرجة، ولهذا أعتقد بأنه علينا اليوم أن نعيد النظر بشكل جدي في آلية هذه الجامعة، خاصة ونحن في الذكرى 70 لتأسيس الجامعة العربية، لهذا فإن مؤسسة الفكر العربي، وبالتنسيق مع جامعة الدول العربية وبرعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، هناك مؤتمر بالتزامن مع الذكرى لطرح قضايا التكامل العربي خاصة في المجال الأمني، لمواجهة التحديات وفق رؤية جديدة وتصور يكون جامعا، ولهذا فالمقاربة الآن هي مقاربة أنه علينا بناء رؤية استراتيجية موحدة واحدة تجاه جل القضايا، حتى لا نكون أداة أو وسيلة في خدمة الآخر ضد بعضنا البعض، أو في إطار أن نكون طعما سائغا لتحقيق مصالح الآخر، دون أن نستفيد من تلك المصالح، وربما رأينا في تجارب اقتصادية وأخرى سياسية كيف أن الآخرين استفادوا على حسابنا دون أن نستفيد نحن، أي الدول العربية، من تلك التجارب.ولو أخذنا ربما بالمناسبة مثلا دول المغرب العربي حينما ذهبنا لنناقش اتفاق الشراكة الأورو متوسطية مع الاتحاد الأوروبي، ذهبنا دولا منفردة ولم نذهب دولا مجتمعة، فكانت الغلبة لدول الاتحاد الأوروبي على حساب اقتصادياتنا، وعلى حساب مجتمعاتنا، وكذا على حساب منافعنا الخاصة، وبالتالي أعتقد أنه يجب تصحيح هذه الرؤية بشكل واضح.تحدثت عن ضرورة إعطاء نفس جديد لجامعة الدول العربية التي لم تكن يوما جامعة، كيف يكون ذلك؟ هل يتم عن طريق تغيير في الهيكلة أو في الأشخاص أو في المواد أو في أي اتجاه؟ أعتقد أن الانطلاق يكون من مراجعة ميثاق جامعة الدول العربية، باعتبار مرور 70 سنة عن التأسيس، هناك بعض الأمور والمواد تجاوزها الزمن، خاصة في حال تحدثنا عن تشكيل قوة تدخل عربي مشترك، حيث تقتضي الضرورة مراجعة اتفاقية الدفاع العربي المشتركة، حينما نتحدث كذلك على ضرورة الإصلاح فأكيد نتحدث على إعادة هيكلة أو إعادة ترتيب البيت، من خلال استحداث أجهزة جديدة أو إعادة تفعيل أجهزة لم تعمل، أو إعادة تفعيل أخرى لم تُفعَّل بموجب اتفاقيات التفعيل، وأن يكون هناك إرادة في البداية، فالإرادة هي الأساس أو الرغبة في التغيير، والرغبة في بعث هذا النفس الجديد الذي هو الأساس، ففي مثل هذه الظروف الصعبة جدا نجد أن العديد من الدول العربية تعاني ربما من إرهاصات التحول الديمقراطي، وتعاني تحديات المخاطر الأمنية، إلى جانب التحديات الاقتصادية، وهو ما قد يعيق في إعادة بعث هذا النفس.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات