الأميرعبد القادر استلهم قوته الروحية والفكرية من النهج النبوي

38serv

+ -

قال الدكتور محمد طيبي، إن الأمير عبد القادر، استمد كل أفعاله ومواقفه من النهج المُحمدي، موضحا أن مقاربته في الحرب كما في السياسة والفكر والقرار تعود إلى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، بما يمثله من قيم روحية وأخلاقية. ذكر الدكتور طيبي، أن الأمير ”إنسان مُجتهد، استلهم تنظيم الدولة وتعامل مع اليهود والنصارى ومع قومه استنادا إلى المنهج النبوي، وبرز ذلك جليا ”من زمن التكوين، إلى زمن التألق، إلى زمن الخواتم في دمشق”.أوضح الدكتور محمد طيبي، في محاضرة ألقاها أول أمس، بقاعة المحاضرات عبد المجيد مزيان، بالمجلس الإسلامي الأعلى بالجزائر العاصمة، ضمن نشاطات مؤسسة الأمير عبد القادر، أن إنجاز الأمير عبد القادر، قام على أربعة محاور أساسية هي أنه كان صاحب جُهد يتدرب ويتعب ويتحمل، وكان يقوم بالمجاهدة، بمعنى بناء الذات القادرة على مقارعة محن الزمن دينا وفكرا. وحسب الدكتور طيبي، فإن مُجاهدة الأمير عبد القادر قامت على الفلسفة والفكر، وأعطت ملامح رجل ”عظيم في نصوصه وشجاعته وحتى في أسراره”.وبرزت العلامات الأولى للأمير، حسب ما جاء في محاضرة الدكتور طيبي التي حملت عنوان ”الضلال القادرية في فكر الأمير عبد القادر”، ”حينما سافر إلى الشرق (1827)، أين تكوّن لديه ذلك الانغماس الروحي والصوفي في الطريقة القادرية، حيث أخذ من المنبع الرباني وظهرت فيه علامات الإمارة هناك”. وذكر طيبي أن الأمير التزم بواجب الحروب واحترام العدو، أما الجهاد فهو في تفكيره ارتقاء نفسي ودفاع عن الحق بالحق وللحق، وهي ثلاثية ”قادرية قالها الشيخ عبد القادر الجيلاني”، وأوضح المحاضر أن مسألة الجهاد تأخذ عند الأمير صبغة ”عمل المسلمين على أنفسهم، وليس عملهم ضد الآخرين”.ويعتقد طيبي أن مسار الأمير لا يمكن تفسيره فقط بمسار الحرب التي خاضها ضد فرنسا، من منطلق إيمانه بأن ”الحرب منتهية لا محال”، ومدركا في المقابل أهمية إنتاج الأنموذج الإنساني. وعليه أدرك الأمير أهمية مفهوم العلاقة بين الإسلام والغرب، فلم يكن من أصحاب صراع الديانات، من منطلق دعوته لصياغة المضامين التوفيقية بين الديانات ”لأنه قرأ القرآن الكريم قراءة محمدية، أي من خلال المفاتيح”. وكشف طيبي أن مشروع الأمير للتقارب بين الإسلام والمسيحية، كان سيؤدي حتما لقطع الطريق أمام التقرب اليهودي المسيحي الذي جرى لاحقا، وحمل عواقب كارثية على الأمة الإسلامية. ووصف المحاضر الأمير عبد القادر بأنه ”لم يكن من أهل الخوف، في وقت كان فيه المسلمين من أهل الخوف، فانهزموا وانذلوا”، مضيفا: ”لقد أخذ الأمير هذه الطاقة من منابع الصوفية كما جاءت في الطريقة القادرية التي صنعت من فكر رجل (عبد القادر الجيلاني) صوفيا، سنيا، حنبلي المذهب، فكرا وأخلاقا وتعليما مرجعيا”.وخلص طيبي، إلى أن الطرق الصوفية حلت محل ”الدولة كمركز للسلطان” في عصر التفكك والعصبيات خلال القرن الخامس عشر، واستطاعت أن تملأ فراغ انهيار السلطان السياسي، وتكفلت بمسألة تأطير المجتمع في شؤونه والدفاع عن الوطن ضد الغزو الأجنبي، وقال: ”عجز المسلمون عن خلق السلطان منذ القرن الخامس عشر، والأمير هو الذي تمكّن من إعادة هذا الرباط المفقود”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات