38serv
في تصعيد جديد لفصول التجاذبات القائمة بين روسيا وتركيا، قررت موسكو منع الشركات التركية من النشاط في عدة قطاعات اقتصادية، منها البناء والسياحة والفنادق والخدمات والمرافق العامة، بداية من 2016. ويأتي القرار الروسي في سياق عملية ”لي الأذرع” التي يعتمدها الكرملين، لحمل القيادة التركية على مراجعة سياستها تجاه سوريا، ودعمها للتنظيمات المسلحة. يأتي القرار الروسي متوازيا مع تسريبات جديدة عبر صور للأقمار الاصطناعية، تؤكد من خلالها روسيا بأن جزءا من شحنات البترول المسروق من قبل تنظيم ”داعش” يسرب عبر الأراضي التركية، وهو ما نفته أنقرة مرارا، وتتجه العلاقات الروسية التركية إلى مزيد من الاحتقان، في وقت سجلت موسكو نقاطا عديدة ميدانيا، على رأسها القضاء على عدد من القيادات من جيش الإسلام وجبهة النصرة وجيش الفتح، وضمان تغطية جوية فعالة لتقدم الجيش السوري، لاسيما على جبهة حلب التي تعد أحد الممرات الاستراتيجية للتنظيمات المسلحة، ومن شأن إغلاق محور حلب وحمص أن يساهم في الضغط على الحدود بين تركيا وسوريا.ورغم بروز تصريحات روسية، أمس، عبارة عن رسائل باتجاه الأتراك بعدم رغبة موسكو في إحداث قطيعة كلية، حيث أفاد وزير الاقتصاد والتنمية الروسي، ألكسي أولوكاييف،، أمس الأول، بأن تركيا ستظل شريكا تجاريا مهما بالنسبة لموسكو، وأن لقاءات الطرفين حول العديد من الأمور التجارية ما زالت مستمرة، وأن الحظر المفروض على البضائع التركية لا يشمل كل المنتجات التركية، وأنه مقتصر على بعض المواد الزراعية والغذائية، إلا أن ذلك لم يمنع موسكو من اعتماد تدابير عقابية جديدة، تندرج في سياق الخلاف الثنائي الذي نشأ في أعقاب إسقاط مقاتلة سوخوي 24، التابعة لسلاح الجو الروسي، في 24 نوفمبر الماضي.ورغم إدراك صانع القرار الروسي بأن العقوبات التي فرضتها على تركيا ستؤثر عليها بقدر كبير أيضا، إلا أن أبعادها السياسية تجعلها تواصل حربا سياسية عالية المستوى، تفوق مستوى الحرب الباردة، لكنها لا تتخطى حدود القوة الناعمة، حيث يستبعد الطرفان إمكانية التصادم المباشر، ولو تخلل الصراع استعراض للقوة من الجانبين تغذيها مصالح وتكتلات، لاسيما وأن تركيا عضو في حلف ”الناتو”، كما أنها انخرطت في حلف جديد بمعية العربية السعودية تحت مسمى ”التحالف الإسلامي ضد الإرهاب”.ويتضح أن موسكو عازمة، من خلال إعلانها، أمس، قرار العقوبات التي تطال الشركات التركية، على الإبقاء على قدر من الضغط، ولو عانت بدورها من تبعات القرار، حيث تواجه موسكو عقوبات اقتصادية أوروبية منذ عام 2014، نتيجة أزمة شبه جزيرة القرم، إلى جانب تأثير انخفاض أسعار النفط، حيث تمثل عائدات النفط 45 في المائة من ميزانية روسيا، كما يساهم توقف الواردات الروسية من تركيا إلى حدوث نقص في إمدادات المواد الفلاحية.بالمقابل، تتأثر تركيا كثيرا جراء نقص إمدادات الطاقة، لاسيما الغاز، حيث تعد تبعية أنقرة للغاز الروسي كبيرة وتفوق 50 في المائة، كما خسر القطاع السياحي التركي حوالي 800 ألف سائح روسي.وفي سياق استراتيجية تسيير الأزمة، قررت تركيا تنويع شركائها، موازاة مع طلب مساع ووساطة صربية لإعادة العلاقات التركية الروسية إلى السكة، حيث من المعروف طبيعة العلاقة الجيدة بين موسكو وحليفها الصربي، حيث سعت إلى إيجاد ممونين في مجال الطاقة، والاستفادة من الدعم الأوروبي والأمريكي.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات