38serv
أعلن أحمد أويحيى، وزير الدولة مدير ديوان رئاسة الجمهورية، عن المشروع التمهيدي لمراجعة الدستور، في نسخته النهائية التي ستعرض على المجلس الدستوري. وجاء المشروع في عمومه محتفظا بنفس الصلاحيات الواسعة التي يتمتع بها رئيس الجمهورية، كحرية تعيين الوزير الأول والاكتفاء فقط باستشارة الأغلبية دون أن يلزمه الدستور باختياره منها، كما احتفظ الرئيس بمنصب مسؤول الدفاع والقائد الأعلى للقوات المسلحة. لأكثر من ساعتين، وقف أحمد أويحيى، في ندوة صحفية بجنان الميثاق، أمس، مدافعا عن مشروع تعديل الدستور الذي أعلن عنه أخيرا، بعد ماراطون من المشاورات بدأ في 2011. وأوضح مدير ديوان الرئاسة أن مشروع تعديل الدستور سيعرض على مجلس الوزراء في شهر جانفي كمشروع قانون للمصادقة عليه، ثم يخطر المجلس الدستوري لإبداء رأيه المعلل الذي قد يستغرق في المجمل من 10 أو 15 يوما، ويعطي بعد ذلك تصوره للكيفية التي يمر بها الدستور. “البرلمان له المصداقية لتعديل الدستور”وفرق أويحيى، بناء على ذلك، بين عدة حالات، أولها أن يكون رأي المجلس الدستوري في هذا التعديل أنه لا يمس بتوازن السلطات وغيرها من القواعد المنصوص عليها في المادة 176 من الدستور الحالي، وفي هذه الحالة سيتم تمرير الدستور بتصويت ¾ البرلمان بغرفتيه، أما في حال كان رأي المجلس الدستوري أن هذا التعديل سيمس بما ورد بمبادئ المادة 176، فإنه سيمر كمشروع قانون على كل غرفة بالبرلمان على حدة، وبعدها سيطرح على الاستفتاء الشعبي.وباستعمال طريقته في الإقناع التي تعتمد على المقارنة مع حالات أخرى في العالم، نفى أحمد أويحيى أن يكون البرلمان الحالي مفتقدا للمصداقية التي تؤهله للتصويت على الدستور، بسبب ضعف المشاركة الشعبية في تشريعيات 2012، وقال إن البرلمان الأوروبي مثلا انتخب بنسبة مقاطعة واسعة، ومع ذلك يفرض تشريعات على البرلمانات الأوروبية المحلية التي انتخبت بنسب أعلى للمشاركة.أما عن عدم مشاركة المعارضة في مشاورات الدستور ووصفها تعديل الدستور باللاحدث، أبرز أويحيى أن أبواب المشاورات كانت مفتوحة للجميع، لكن هناك من لم يرد المشاركة بإرادته ولا يمكن إجباره على ذلك، وهاجم بشدة المعارضة التي بدل أن تشارك في تعديل الدستور، بقي خطابها، حسبه، مرتكزا فقط على طرح شغور منصب الرئيس. وقال في هذا السياق: “لهؤلاء أقول إن الشرعية أعطاها الشعب الجزائري، وخطاب شغور السلطة لا يمكنه أن يكون خطابا سياسيا دائما. أما الرئيس فهو يعطي الدليل يوميا على أنه هو من يسير البلاد”. “المعارضة تتبنى أطروحات المنظمات الغربية المحتقرة للشعوب”وشن أويحيى هجوما مضادا على المعارضة المطالبة بلجنة مستقلة لتنظيم الانتخابات، مشيرا إلى أن هذا المطلب من بنات أفكار المنظمات الغربية غير الحكومية، التي ابتكرت هذه الفكرة وأرادت تطبيقها على دول وشعوب كانت تعتبرها من الدرجة الثانية، في أوروبا الشرقية وإفريقيا، متسائلا إن كان إنشاء هذه اللجنة قد حل المشاكل في الدول التي طبقت بها، ثم عاد وتحدى أن يكون هذا النموذج مطبقا في البلدان الديمقراطية، وضرب مثالا بـ«فرنسا وإنجلترا”.وبالمقابل، استحدث مشروع تعديل الدستور هيئة عليا لمراقبة الانتخابات (المعارضة تطالب بهيئة للتنظيم وليس المراقبة)، تكون مرؤوسة من قبل شخصية مستقلة وتتكون من قضاة وكفاءات مستقلة تختار من قبل المجتمع المدني، وتكون لها مهمة السهر على شفافية الانتخابات منذ استدعاء الهيئة الناخبة إلى غاية الإعـلان عن النتائج المؤقتة، وأوجب المشروع على المجلس الدستوري دراسة “محتوى” الطعون التي يتسلمها حول النتائج المؤقتة للانتخابات التشريعية والرئاسية، وليس إبطالها لأسباب شكلية فقط.وفيما يشبه الرد على مجموعة الـ19 أو من اعتبرهم “أصحاب طرح باعوا البلاد”، شدد أويحيى على أن الدستور الجديد سيضمن الملكية العمومية لبطن الأرض والمناجم والطاقة والنقل بالسكك الحديدية والبريد، مضيفا أنه نص أيضا على عقلنة استغلال الموارد الطبيعية وضمان الحفاظ عليها للأجيال القادمة، بالإضافة إلى الحفاظ على المكاسب الاجتماعية كمجانية التعليم وتوفير الصحة ودسترة الضمان الاجتماعي لكل الجزائريين. “لولا الظروف لمر الدستور في 2013”وحاول أويحيى تبرير العودة عن فتح العهدات الرئاسية في 2008 ثم إعادة غلقها في التعديل المقترح، بأن ما جرى في العهدة الثالثة كان بطلب من المجتمع الذي أراد للرئيس الاستمرار، معطيا لبوتفليقة “مكانة خاصة” باعتبار أن له تاريخا ثوريا بالإضافة إلى دوره في إرجاع السلم للجزائريين. واستطرد قائلا: “لكن بعد مواكبة هذا الطلب المجتمعي، قامت القيامة على الرئيس بوتفليقة وقد تابع ذلك شخصيا، حتى أنه لم يترشح في 2014 إلا لتجنيب البلاد مشاكل كبرى كانت ستحدث”.وبشأن سبب تأخر الرئيس في الإعلان عن الدستور، أبرز مدير ديوانه أن الأولوية كانت لإخراج الجزائر من النار، وبعد 2011 تاريخ إعلان تعديل الدستور، أعطى الرئيس المهلة الكافية للعملية، ولولا الظروف التي مرت بها البلاد لكان الدستور قد اعتمد في 2013. لكن الرئيس، في نظر أويحيى، لم يجمد الإصلاحات التي وعد بها، بدليل إصدار 12 قانونا ذات طابع سياسي.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات