"ابن باديس لم يكن سلفيا.. كان رجلا يحب المسرح والموسيقى"

38serv

+ -

أكد الكاتب والسيناريست الجزائري رابح ظريف أن كتابة سيناريو حياة العلامة الجزائري عبد الحميد بن باديس لم تكن ”مهمة سهلة”. وأشار، في حوار أجرته معه ”الخبر”، بعد أن وقع عليه الاختيار لكتابة العمل من إخراج السوري باسل الخطيب، إلى أن ”الفيلم والمسلسل لن يركز على الجوانب الدينية والصورة النمطية المعروفة عن ابن باديس”.-”راجعت 250 بحث من أجل كتابة سيناريو عبد الحميد بن باديس”-”عز الدين ميهوبي لم يخترني لأنني صديقه”كتبت سيناريو عن حياة ابن باديس، فيلم ومسلسل جزائري جديد بعد الذي عرضه المخرج مسعود بلعايب، ما الذي سيقدمه العمل الجديد؟ شخصية عبد الحميد بن باديس حساسة والتعامل معها سينمائيا ليس أمرا سهلا، لقد توخيت الحذر التاريخي في تناول هذه الشخصية المثيرة، فما وصلنا عن عبد الحميد بن باديس مجموعة من الآثار التي تمثل درسا دينيا مؤدلجا في كثير من الأحيان، فمعظم الذين كتبوا عن ابن باديس إما ينتصرون له أو يتحفظون على مساره، عدا بعض الباحثين الذين تناولوا الحركة الإصلاحية بطريقة محايدة مثل الباحث أبو القاسم سعد الله وعلي مراد. بالنسبة لي ككاتب سيناريو لا أسعى لتقديم درس ديني ولا تاريخي، أقدم التاريخ في شكل درامي وفني موجه للجمهور، أما الفئات الأخرى من المؤرخين والباحثين فيجب أخذهم في الحسبان ولكن ليس على نفس المستوى في العمل السينمائي. راجعت أكثر من 250 كتاب من أجل استخراج الدراما من التاريخ، ومن الصعب اختصار مسار 43 سنة من الفكر في حياة ابن باديس في عمل مدته 26 ساعة.ما الذي وجدته في المراجع ولم تجده في العمل الأصلي الذي كتبته الوزيرة السابقة زهور ونيسي؟ كنت مطالبا بمراجعة البحث والتدقيق في المراجع التي اعتمدتها السيدة زهور ونيسي التي أكنّ لها كل الاحترام والتقدير. لقد أضفت للعمل أشياء غير موجودة في كتاب زهور ونيسي وهي ابنة مدينة قسنطينة ودرست في جمعية العلماء المسلمين مع إخوتها ”حرية ونعنانة”، وهي أقرب إلى روح ابن باديس. لقد استفدت كثيرا من الجانب الاجتماعي والروحي وعبق المكان والزمان الذي تحدثت عنه زهور ونيسي في كتابها.الكثير من الذين ينتقدون رابح ظريف يقولون إن الاختيار وقع عليك لعلاقتك الشخصية مع الوزير عز الدين ميهوبي؟ أولا لدي العديد من الأعمال التاريخية، لقد أنجزت مؤخرا فليمين هما ”ظل والقنديل” وهو أول عمل روائي سينمائي تحدثت فيه عن الطلبة خلال الثورة، وفيلم ”باربروس”، كما أنجزت عملا عن ”بوراس” واشتغلت في الكتابة التاريخية منذ فترة طويلة وهذا التوجه ليس جديدا في مساري. أنا جد سعيد بهذه الثقة التي منحها لي الوزير التي لم أحصل عليها من مسؤول، بل من مثقف وكاتب يريد أن لا يأخذ مصير فيلم عبد الحميد بن باديس مصير فيلم الأمير عبد القادر. علاقة الوزير جيدة بالمحيط المثقف، ليس فقط في الجزائر، بل في العالم العربي، ولو منح العمل لكاتب آخر لقيل نفس الكلام وطرح نفس السؤال. بالنسبة لي فقد كتبت سيناريو فليمين في السابق من إنتاج وزارة المجاهدين ولا علاقة لي بوزير المجاهدين، كما اشتغلت في الكتابة لأعمال تلفزيونية.إلى أي مدى يعتبر الرهان على مخرج غير جزائري لإنجاز الفيلم أمرا مهما لفيلم ومسلسل ”ابن باديس”؟ المنتج حاول الاتصال بعدة مخرجين جزائريين من أجل إنجاز العمل ولكن رزنامة الذين اتصلنا بهم كانت مشغولة بأعمال أخرى، كما أن بعض المخرجين الجزائريين تخوفوا من إنجاز فيلم عن ابن باديس، لم نترك بابا في الإخراج بالجزائر إلا وطرقناه. حاولنا الاتصال بالمخرجين الشباب الجزائريين فلم نوفق، لكن المخرج باسل الخطيب لديه من الخبرة في العالم العربي الكثير وأعتقد أن موافقته على العمل تؤكد جدية المشروع وأهمية السيناريو. شخصيا لدي تحفظ على الأجنبي الذي يكتب أعمالا جزائرية، أما الإخراج فهي رؤية فنية متعلقة أساسا بالسيناريو. لقد سجل المخرج باسل الخطيب بعض الملاحظات البسيطة وأخذناها بعين الاعتبار.ما هي أبرز التحديات التي واجهتك في كتابة سيناريو عن فيلم ”ابن باديس”؟ وكيف تعاملت معها؟ غياب المحطات الدرامية، مثلا لا يوجد تاريخ محدد لتطليق ابن باديس لزوجته، لا يوجد مصدر تاريخي يشير إلى سبب وفاة ابنه. لقد ركزت على المقارنات التاريخية التي جرت في حياته، من خلال البحث والمقارنة وبمساعدة فريق البحث، كل من عبد المالك حداد ومراد وزناجي. لقد تجنبا مواقف وآراء عبد الحميد بن باديس الدينية، وركزنا على مواقفه السياسية كرائد للحركة الوطنية والإصلاحية معا. فالعمل لا يتحدث عن جمعية العلماء المسلمين التي تشكل تسع سنوات فقط من حياة ابن باديس، ركزنا عليه كشخصية تمت محاربته من طرف الاستعمار ورجال الدين العنصريين.متى ينطلق التصوير وأين؟ إلى حد الآن لا يوجد اتفاق واضح في هذا الموضوع، لم نحدد أماكن التصوير، ربما سيكون في قسنطينة، الأمر يتوقف على زيارة المخرج التي سيقوم بها قريبا.ما هو الفرق بين الفيلم والمسلسل؟ هو عمل واحد لكن الفيلم سيرة ذاتية مدته ساعتين ونصف تقريبا، والصعوبة في رأيي تكمن في المسار الزمني في الفيلم، حيث اعتمدنا على نفس المسار الزمني للمسلسل، ويبقى المشكل المشترك هو التواريخ المحددة بدقة، كما أننا ركزنا على التأكيد على ابن باديس كرجل وطني، فما يقوله المشارقة عنه بأنه كان رجلا سلفيا أمر غير صحيح، فعبد الحميد بن باديس كان يوقع باسم ”الشيخ السلفي” ولكن السلفية ومفهومها في ذلك الوقت مختلف عن اليوم، كان عبد الحميد بن باديس رجلا يحب المسرح والفنون والموسيقى ولم يصدر فتاوى التقصير، الأمر تقريبا نفسه بالنسبة لمفهوم الماسونية سابقا، حيث جمعت في الماضي في عضويتها 150 مفكر وقطب دين منهم جمال الدين الأفغاني والأمير، لكن اليوم المفاهيم تغيرت.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات