38serv
يرى الدكتور هواري بلعباس، الأستاذ المساعد في علم الاجتماع بجامعة “يحيى فارس” بالمدية، بأن عودة الأم إلى أحضان الأسرة وتخليها عن العمل خارج البيت، يعد بمثابة اعتراف ضمني بفشلها في تجربة التوفيق بين العمل وتربية الأبناء “خاصة بعد أن أضحت هذه النقطة بمثابة مصدر مشاكل يومية بين الأزواج”.وتبقى الزوجة في كلتا الحالتين مخيّرة بين حلين، أحلاهما مر، حسب محدثنا “وذلك من منطلق صعوبة تخلي أي امرأة عن منصب عملها الذي يعد بمثابة مصدر رزقها” وهو ما يكون وراء تشبّث البعض من النسوة بمناصبهن مقابل إيجاد حلول ظرفية من شأنها أن تغطي غيابهن عن أبنائهن لفترة من الزمن يوميا “كالاستنجاد بالمربيات وخادمات البيوت أو “تجميد النشاط” أو اللجوء إلى المطالبة بالتقاعد النسبي من المؤسسات التي يشغلون مناصب فيها”. وتقضي الأم العاملة يوميا معدلا زمنيا يعادل الثلاث ساعات مع الأبناء “وهو غير كاف على الإطلاق” حسب الدكتور بلعباس الذي أرجع تفضيل العديد من الزوجات التضحية بالمناصب مقابل التكفل بتربية الأبناء، إلى مخاوفهن من إمكانية جفاء الأطفال تجاههن مستقبلا وارتباطهم بالأم الراعية، سواء كانت خادمة أو مربية بعد أن وصف عاطفة الأمومة بـ “الأمر الذي لا جدال ولا نقاش فيه”.وقد عاد محدثنا ليؤكد حاجة الأطفال الصغار إلى العاطفة والرعاية وقدر هائل من الحنان في سن معينة، قبيل الفترة التي يخرج فيها ليطل على العالم الخارجي الجديد، كما أثار نقطة هامة متعلقة بالدور الفعال الذي تلعبه الأم في تلقين طفلها دروس الحياة من مراحلها الأولى “على غرار تلك الدروس المتعلقة بالطرق الكفيلة بمجابهة أي طارئ متعلق بالجريمة المنظمة تزامنا وتفشي ظاهرة اختطاف الأطفال مؤخرا في المجتمع الجزائري” كما قال.ولا ينكر الدكتور المتحدث، الدور الذي عادة ما يلعبه تأنيب الضمير النابع من الأنا الأعلى في شخصية المرأة في اتخاذ السيدة العاملة للقرار الحاسم المعلق بعودتها النهائية إلى البيت “وهنا تدخل جملة من العوامل التي تلعب دورا أساسيا في تحديد وجهتها النهائية كاحتراق أعصابها في العمل جراء الضغط، والمتاعب التي تواجهها ذهابا وإيابا للالتحاق بالمؤسسة التي تعمل فيها، دون نسيان الأوقات التي تقضيها يوميا في الازدحام المروري، إلى غير ذلك من المشاكل”. ويعد انعدام الثقة في أوساط بعض السيدات تجاه دور الحضانة من بين الأسباب التي عجّلت باتخاذ بعض النسوة لقرارات حاسمة قضت بعودتهن نهائيا لتأدية أدوارهن كاملة داخل بيوتهن، مع أن ذلك لا يقصي عامل تخوف “المرأة العائدة” من فشلها مستقبلا في إرجاع ابنها إلى أحضانها، خاصة إذا كان هذا الأخير قد سبق وأن ارتبط عاطفيا بمن كانت ترعاه في صغره.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات