38serv
انظر كيف خاطب الله صحابة بدر الكبرى “افْعَلُوا مَا شِئْتُمْ فَإِنِّي قَدَ غَفَرْتُ لَكُمْ”.. ألم يكن هذا دليلاً على أنّهم فنوا عن مشيئتهم وصاروا كلّهم إسلامًا يمشي على الأرض لا يخافون في الله لومة لائم يحبّون بحبّ الله ويبغضون ببغضه؟وانظر كيف يصفهم ربّهم جلّ وعلاه في إنجيل عيسى عليه السّلام: وصفتهم في بشارته بسيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم ومن معه أنّهم {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأهُ} فهو زرع نام قوى، يخرج فرخه من قوّته وخصوبته. ولكن هذا الفرخ لا يضعف العود بل يشدّه {فَآزَرَهُ} أو إن العود آزار فرخه فشدّه {فَاسْتَغْلَظَ} الزّرع وضخمت ساقه وامتلأت، {فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} ولا معوجًا ومنحيًا ولكن مستقيمًا قويًا سويًا..هذه صورته في ذاته فأمّا وقعه في نفوس أهل الخبرة في الزّرع العارفين بالنّامي منه والذابل، المثمر منه والبائر، فهو واقع البهجة والإعجـاب {يُعْجِبُ الزُّرَّاع}. وفي قراءة يُعجب {الزَّارِع} وهو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صاحب هذا الزّرع النّامي القوي المخصب البهيج. وأمّا وقعه في نفوس الكفّار فعلى العكس، فهو وقع الغيظ والكمد {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} لأنّهم هذه الزرعة، زرعة الله وزرعة رسوله صلّى الله عليه وسلّم وأنّهم ستار للقدرة وأداة لإغاضة أعداء الله. وهكذا يثبت الله سبحانه في كتابه العزيز الخالد صفة هذه الجماعة المختارة صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فتثبت في صلب الوجود كلّه، وتتجاوب بها أرجاؤه وهو يتسمع إليها من بارئ الوجود وتبقى نموذجًا للأجيال تحاول أن تحقّقها لتحقّق معنى الإيمان في أعلى الدرجات.. ولن تخل الأرض في كلّ زمان ومكان من أمثال هؤلاء الرّجال كخليل الرّحمن، أمان أهل الأرض بهم يرزق النّاس ويسقون..وفوق هذا التّكريم كلّه وعد الله بالمغفرة والأجر العظيم.. وذلك التّكريم وحده حسبهم وذلك الرّضى وحده أجر عظيم ولكنّه الفيض الإلهي بلا حدود ولا قيود.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات