38serv
أصبح كل من يملك أو يربي بحظيرة بيته أو مزرعته في قرى ومدن الشريط الحدودي الغربي للبلاد، حمارا، متهما ومشبوها في نشاط التهريب، وقد يتم توقيفهوالتحقيق معه بعد كل عملية حجز للمواد المهربة بالمنطقة.❊ تحدثت تقارير إعلامية صدرت في الجزائر وتلقفتها بسرعة البرق وسائل إعلام مغربية، عن إمكانية إقدام الحكومة الجزائرية على إجراءات تتعلق بإخضاع تربية الحيوانات مثل الخيول والحمير إلى بطاقية وطنية تمكّن من معرفة ومتابعة أصحاب هذا النشاط بالمناطق الحدودية للبلاد، خاصة بعد تنامي قضايا التهريب التي تحجز فيها مصالح الأمن المختلفة سنويا كميات ضخمة من المواد المدعمة والمهرّبة على ظهور الدواب، عبر الحدود الشرقية والغربية للبلاد، قدرت الحكومة قيمتها بأكثر من ثلاثة مليارات دولار سنويا، في حين تمّ حجز 2295 حمار سنة 2015 على مستوى ولاية تلمسان وحدها.ما إن تغادر مدينة مغنية، ستّين كلم عن مقر ولاية تلمسان باتجاه قرى ومدن الشريط الحدودي، السواني سيدي بوجنان، ومغاغة، وباب العسة وبوكانون، إلى غاية مرسى بن مهيدي، مائة وعشرين كيلومتر أقصى غربي تلمسان، حتى تصادفك قوافل الحمير المستلقية على غبار أرض الحدود “في استراحة محارب” بعد ليلة من “الأشغال الشاقة”، في نقل الوقود والمواد المدعمة المهربة من الجزائر إلى المغرب، إضافة إلى إدخال أطنان السموم من المخدرات القادمة من البلد المجاور إلى التراب الوطني، فأصبح كل من يملك هذا الحيوان متّهما بشبهة التهريب.الحمار... وعقوبة السجنففي المنطقة الحدودية، قليلا ما تجد الحمير تعيش في إسطبلات قريبة من المساكن المترامية هنا وهناك بالقرى والمدن المذكورة، وحتى في عشرات القرى والمداشر المتاخمة للشريط الحدودي، مثل لالة عيشة وأولاد قدور والبطيم، فجشع المهربين لا حدود له.توقّفنا بإحدى القرى المذكورة، وسألنا أحد سكان الحدود عن سعر “الحمار” في السوق؟ وسبب ندرة هذا الحيوان واختفائه المريب عن الأنظار، عكس الشهور الماضية؟ فأجابنا “الأتون وهي أنثى الحمار، سعرها بداية من خمسة عشرة ألف دينار، والذّكر من عشرين إلى خمسة وعشرين ألف دينار، حسب حالة الحيوان وقدرته على تحمّل حمولة قد تصل إلى ستّة دلاء من سعة ثلاثين لترا من الوقود للدّلو الواحد”، قال محدّثنا، وهي حمولة يعبر بها الحيوان في مسالك وعرة وظلام دامس، مضيفا “امتلاك حمار في محيط البيت أو في زريبة المزرعة، أصبح يشكّل على صاحب البيت خطر الاتهام بشبهة التهريب وعقوبة السجن”.وهنا تدخّل مواطن آخر من سكان البلدة “ابني كان في مزرعة العائلة يقوم بجني ثمار الزيتون، ليصل فجأة أفراد من حرس الحدود، الذين حجزوا قافلة من الحمير كانت رابضة قريبا من المزرعة، فتم توقيفه وحبسه، وهو محل تحقيق في قضية مخدرات منذ شهرين”.حادثة تعيدنا إلى الوقفة الاحتجاجية التي نظّمها سكان بلدية باب العسة الحدودية، بداية هذه السنة في الرابع عشر من الشهر الجاري، أمام مقر محكمة البلدية للمطالبة بعدم أخذ أبنائهم لمحاكمتهم بشبهة التهريب وبقرينة وجود “حمار” قرب البيت، أو وجود رقم هاتف أحدهم بشريحة هاتف أحد المتهمين الموقوفين، يومها قال أحد المحتجين لـ“الخبر”: “إن متهما حكم عليه بعشرين سنة سجنا في قضية مخدرات، بمجرد حجز ثمانية قناطير من المخدرات كانت محمّلة على ظهور الحمير قريبا من مزرعة البيت”، ليأتي الردّ سريعا من قيادة المجموعة الإقليمية للدرك الوطني بتلمسان، مفاده أن عناصر الدرك يقومون بحماية التراب الوطني وفق ما يخوّله القانون، وإن كل عمليات الحجز والتوقيف تخضعان للقانون، في حين أوفد وزير العدل طيب لوح لجنة تفتيش وزارية للوقوف على سلامة الإجراءات المتخذة في حق المتهمين بالتهريب.وببلدة باب العسّة دائما، كانت لنا جلسة مع رئيس المكتب البلدي للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، الذي سلّمنا بيانا مكتوبا جاء فيه “إن الرابطة تطالب السلطات القضائية والأمنية العاملة على محاربة الجريمة في الحدود، بضرورة احترام قرينة البراءة وعدم التعنيف اللفظي والمادي للموقوفين بشبهة التهريب من أبناء المنطقة، إضافة إلى ضرورة محاربة التهريب عند الشريط الحدودي، مع منع تسلل المهربين من جزائريين ومغاربة عبر الحدود المغلقة”.وفي ذلك إشارة إلى تجديد الاتهام لبعض الأعوان من حرس الحدود، مثلما جاء في رسالة سابقة لجمعيات وفعاليات من المجتمع المدني بمدينة مغنية، كانت قد راسلت نائب وزير الدفاع الوطني للمطالبة بفتح تحقيق في التجاوزات والثغرات المفتوحة عبر سبعة وعشرين نقطة يسلكها المهربون.وسيلة نقل لا رقم لها ولا طرازويتحدث مواطنون من المنطقة، يرفضون الكشف عن هوياتهم، قائلين “كل شيء يعبر من هنا حيث الحدود مغلقة في النهار مفتوحة في الليل، المرور لمن يدفع، يقول أحدهم، ومن ألف وخمسة مائة دينار إلى ألفي دينار لحمولة حمار واحد ضريبة في الذهاب وأخرى في العودة مهما كانت نوعية الحمولة...”.وهنا تكمن الخطورة، إذ تشير التقارير الأمنية إلى أن شبكات تهريب الوقود من الجزائر إلى المغرب أصبحت متورطة من طرف عصابات التهريب المغربية في إعادة الدلاء المعبّئة بـ“المازوت” و”البنزين” الجزائري، بعد إفراغها بالتراب المغربي، وهي معبّأة بالمخدرات من نوع الكيف المزروع بالمغرب على متن قوافل الحمير.وسيلة نقل لا رقم لها ولا طراز، بمجرد حجزها من قبل حرس الحدود والجمارك توضع في حظائر مؤقتة، ليتم بيعها لأصحاب حدائق الحيوانات كغذاء للأسود.وكانت حصيلة نشاط مختلف الوحدات والفرق التابعة للدرك الوطني بالمجموعة الإقليمية لولاية تلمسان، لسنة 2015، قد تضمّنت أرقاما ومؤشرات تدل على مراهنة عصابات التهريب في الحدود على “الحمير” كوسيلة نقل مفضّلة، فقد تمّ حجز أكثر من 1,5 مليون لتر من الوقود المهرب إلى المغرب، مع مصادرة 352 مركبة، في حين تمّ حجز 2295 حمار، يتمّ تسليمه لمصالح الجمارك لتباع لأصحاب حدائق الحيوانات.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات