38serv
تشهد الساحة السياسية، قبيل الرئاسيات، على غير العادة، تشكل تكتلات وتحالفات حزبية وسياسية عديدة، سواء أكانت تلتف حول مرشحها أو داعمة لعهدة ثانية للرئيس الحالي، عبد المجيد تبون، الذي لم يعلن بعد عن رغبته في الترشح لمواصلة ادارة دفة الحكم.
وإلى غاية الآن، ظهرت أربعة تكتلات سياسية، منها ما هو في شكل تحالف أو ائتلاف رسمي، بينما أخرى لا تزال في مرحلة أولية و"جنينية" من الإجماعات والتوافق على مشروع واحد.
وتمثلت هذه الكيانات السياسية في "تكتل أحزاب الاستقرار والإصلاح" و "ائتلاف أحزاب الأغلبية من أجل الجزائر" وتحالف بين حركة مجتمع السلم و "النهضة"، ونحو 10 أحزاب تكتلت أمس بدعوة من حركة البناء، لدعم مرشح رئاسي معين، وأغلب الظن هو الرئيس عبد المجيد تبون.
وبادر "تكتل أحزاب الاستقرار والإصلاح" بترشيح كاتب الدولة السابق للجالية، بلقاسم ساحلي، وأشار بأنه سيظل منفتحا على انضمام أحزاب جديدة، وعلى كافة السيناريوهات والتطورات وظروف إجراء انتخابات حرّة، نزيهة وشفّافة، عبر مختلف مراحل العملية الانتخابية".
وبالرغم من أن التحالف تشكل من قبل أحزاب لها حضور متواضع في المشهد السياسي، بتعبير مراقبين" إلا أن خطابهم السياسي والمفردات المستعملة فيه، تؤشر على امتلاكهم الأمل في التأثير في الاستحقاق، خاصة وأنهم يستعدون لتنظيم عدد من التجمعات الجهوية بتنشيط مشترك لرؤساء الأحزاب المشكلة له، بالإضافة إلى مواصلة اللقاءات التشاورية مع الشركاء السياسيين، مع "التزام الأحزاب بالحفاظ على أقصى درجات التنسيق والتعاون فيما بينها، بخصوص كل الدورات والمشاريع الإصلاحية التي ستطرح مستقبلا، لاسيما ما تعلّق بالقوانين الناظمة للحياة السياسية والعامّة".
ولا يستبعد أصحاب المبادرة مواصلة التحالف أما بعد الاستحقاق الرئاسي، بتقديم قوائم مشتركة في الانتخابات التشريعية والمحلية المقبلة.
ولم تمر أسابيع قليلة، حتى ظهرت إرهاصات تشكل تحالف رباعي بين أحزاب الأغلبية البرلمانية، يضم "الأفالان" و "الأرندي" و جبهة المستقبل وحركة البناء الوطني، تحت مسمى "ائتلاف أحزاب الأغلبية من أجل الجزائر"، غير أنه تصدع جزئيا قبل أن يكتمل، على خلفية اختلافات في توقيت وشكل الإعلان عن مرشح التكتل، بين الأعضاء وحركة البناء الوطني، رغم أن كل التوقعات والوقائع، تشير بأنهم يدعمون الرئيس تبون.
وضمن نفس النسق، التقى نحو 10 أحزاب، أمس، بدعوة من حركة البناء التي "انشقت" عن "ائتلاف الأغلبية البرلمانية"، وأنشأوا ما يشبه تكتل سياسي يحمل نفس الأهداف، خاصة فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية المقبلة.
ويضم حزب الفجر الجديد، جبهة الجزائر الجديدة، حزب التجديد الجزائري، حزب الوسيط، حزب الكرامة، اتحاد القوى الديمقراطية والاجتماعية، حزب الحرية والعدالة وحركة الوفاق الوطني.
وأكدت الأحزاب في إطار شراكتها السياسية، على "ضرورة وحتمية التوافق على مرشح المرحلة المقبلة، الذي يقود سفينة الجزائر الجديدة المستقرة، الآمنة والمزدهرة"، مشيرين إلى أنهم اتفقوا على مواصفات من يمكن دعمه وفي مقدمتها "حماية القرار الوطني السيادي وتعزيز الاستقرار المؤسساتي، تعزيز الوحدة الوطنية وتمتين النسيج المجتمعي، حماية ثوابت الأمة الجزائرية، والوفاء لرسالة الشهداء، كما تطلّعَ إليها الحراك الشعبي المبارك والأصيل، تعزيز الديمقراطية التشاركية وترقية الحريات الفردية والجماعية، استكمال مسار مكافحة الفساد وتقوية الأدوار الريادية للجزائر على الصعيد الاقليمي والدولي والدفاع المستميت، عن القضايا العادلة، وعلى رأسها قضية فلسطين المركزية، وقضية الشعب الصحراوي".
تساؤلات
واللافت في المشهد السياسي حاليا، أن العديد من الذين أعلنوا عن رغبتهم في الترشح، محاطين بأحزاب وتكتلات، سواء علنية أو بشكل غير رسمي، غرار بلقاسم ساحلي، وعبد العالي حساني شريف، والرئيس عبد المجيد تبون في حالة ما ترشح، باستثناء رئيس حزب اتحاد التغيير والرقي زبيدة عسول، التي كانت أول من يعلن عن رغبتها في الترشح، وزعيمة حزب العمال، لويزة حنون، التي تعد ثاني سياسية أعلنت عن رغبتها في الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، إلى جانب الأمين الوطني الأول، يوسف أوشيش، في حالة ما اذا تم ترشح في المؤتمر الاستثنائي للحزب بعد غد الجمعة وحظي بثقة المؤتمرين في تمثيل الحزب في الاستحقاق.
ويبدو أن احتمالات الاصطفاف والتكتل لا تزال قائمة، بالنظر إلى أن المترشحين المحتملين، مختلفين تماما من حيث الأطياف السياسية، واتساع دائرة المشاركة الحزبية في الانتخابات المقبلة، قياسا بسابقتها التي كانت محل مقاطعة وعدم مشاركة من قبل عدة قوى سياسية وشعبية.
وكانت ارهاصات تشكل المشهد الحالي بهذه الخريطة مفاجئة للعديد من المراقبين، من زاوية أنهم لم يكونوا متفائلين بتحرك حزبي بهذا المستوى، بالمقارنة مع الاستحقاق الماضي، الذي شهد انتقال مركز ثقل العملية السياسية إلى المجتمع المدني، كأول محرك للعملية الانتخابية، وأفول تأثير الأحزاب السياسية تماما، بسبب الانتقادات اللاذعة التي طالتهم خلال مسيرات الحراك الشعبي.