مفاوضات جارية وسيناريوهات عديدة في فرنسا

38serv

+ -

لا تزال الأحزاب الفرنسية الفائزة في التشريعيات المبكرة، منشغلة في المساومات والمفاوضات السياسية لتشكيل الأغلبية في الجمعية الوطنية، كون ولا واحد منهم تمكن من تحقيق أغلبية مريحة من 289 مقعدا تمكنه من تشكيل حكومة وتعيين رئيسها. 

إلى غاية الآن، لم تتشكل أغلبية في الجمعية الوطنية، ما وضع البلاد أمام سيناريوهات سياسية تجمع أجندات وتوجهات حزبية متباينة، بعد "تحالفات الضرورة" التي أملتها نتائج الانتخابات التشريعية السابقة، أين تحالفت الأغلبية الرئاسية مع حزب فرنسا الأبية وغيره، لسد الطريق أمام اليمين المتطرف الذي جاء في المركز الأول في الجولة الأولى.

ورغم أن الانتخابات أملت "تحالفات" بين أحزاب متباينة سياسيا وإيديولوجيا، إلا أن هذه التوافقات المؤقتة والمرحلية، لم تتطور بعد إلى تكتلات أو تحالفات على مستوى الجمعية الوطنية، تمهيدا لتشكيل حكومة وتعيين رئيس وزراء. 

وفي حالة فشل الأحزاب المتفاوضة حاليا في تشكيل الأغلبية، وهي الفرضية الأقرب، فإن فرنسا ستكون أمام برلمان "مشلول" أو "مكتوف الأيدي"، طيلة عام كامل، وهي الفترة التي تسمح دستوريا للرئيس ايمانويل ماكرون إصدار قرار بحل البرلمان وإعادة الانتخابات.

غير أنه يمكن للرئيس ماكرون اختيار تشكيل الحكومة في حال استمرار حالة الانسداد، والذي بدوره سيواجه تصويتا بالثقة في الجمعية الوطنية، التي ستنعقد لمدة 15 يوما في جويلية الجاري، وهو الأمر الذي يضع الحكومة في وضع ضعيف، قياسا بالحكومات التي تنبثق عن الأغلبية المريحة.

وليس من المعتاد في فرنسا بناء مثل هذا النوع من التحالفات في مرحلة ما بعد الانتخابات، قياسا بالديمقراطيات البرلمانية بشمال أوروبا، مثل ألمانيا أو هولندا، حيث يبدو أمرا شائعا ومألوفا في الطبقة السياسية.

هذه الضوابط الدستورية والمعطيات الواقعية، تفرض على ماكرون تعيين شخصية مقبولة لدى أغلبية الأعضاء، حتى تحظى بالثقة اللازمة التي تمكنها من مباشرة مهامها، غير أن التوقعات التي تحدثت عنها الصحافة الفرنسية، تفيد بأنه من المستبعد أن يستمر تحالف الاشتراكيين والخضر مع التحالف اليساري ومع الأغلبية الرئاسية ما يترك حزب فرنسا الأبية بمفرده.

ويبقى هذا مجرد فرضية، في ظل غياب مؤشر على تفكك وشيك للجبهة الشعبية الجديدة في هذه المرحلة، في حين يبرز احتمال آخر يتعلق بإمكانية تشكيل حكومة تكنوقراط تدير الشؤون اليومية ولكنها لا تشرف على التغييرات الهيكلية، غير أن موقف اليسار الفائز في التشريعيات إزاء هذه الفرضية غير مضمون.